صديقتي العشرينية
أكتب إليكِ هذه الرسالة وأنت على مطلع عقدٍ جديد من عمرك. أكتب إليك وأنت تدخلين عالمًا جديدًا.
لن أطيل عليك بهذه الرسالة، فلست بالناصح الجيد أبدًا، لقد أخطأت كثيرًا في هذا العقد من عمري أيضًا، بل ربما بدأته بأكبر خطأ في حياتي. غادرت بلادي وسافرت مُغيبًا دون أن أعرف وجهتي التالية. أنتِ سافرتِ عالمةً بالطريق التي تسلكينها، وقدمتِ فعلًا الكثير من وقتكِ وجهدك للوصول إلى المحطة التي وصلتيها الآن.
أنتِ الآن في بداية طريقٍ صعبٍ، ليس سهلًا أبدًا، لكن من قال أن هناك خياراتٍ سهلةً في حياتنا؟ ومع ذلك، عندما يبلغ الهم منك منتهاه، تذكري دومًا أنك مجموعة ذرات في كون فسيح، أنّك نقطة صغيرة في هذا الكون العملاق، أن المادة التي تكوننا لا تشكل سوى 5% من مجموع هذا الكون، والباقي نجهله.
نحن لا نعرف الكثير عن كوننا، ولا نعرف الكثير عن ذواتنا، لكننا نستمر بالبحث بشكلٍ مستمر عن إجابات تطفي غليل السائل في عقولنا، ذاك السائل الذي يوقظنا في الثالثة صباحًا ليسألنا عن معنى الحياة والوجود.
يقول جورج كارلين
“الحياة هي مسرح وسيرك كبير، ونحن محظوظون بوجودنا هنا فيها، علينا أن نستمتع بما نستطيع أن نفعل ونراقب ونصفق للوحوش الكاسرة ونسجل ما تفعله كي لا نعيد تكرار الاخطاء مرة أخرى.”
في الحقيقة، نصف ذلك القول لجورج، والنصف الآخر هو مجرد هراء من شخص بلغ مشارف الثلاثين من العمر دون أن يجد ضالته.
اعرفي دومًا أنّ المصاعب لا تنتهي أبدًا، واعرفي أيضًا أنّ الابتسامات لن تنتهي، واعرفي أنّ العدل ليس غاية الحياة، ولا منتهاها. حاولي قدر الإمكان أن تبتعدي عمّا ينغص راحة بالك، وافعلي ما يريح ضميرك دومًا….
دعي القلق جانبًا، وابتسمي، وكوني كما آذار مٌشرقةً ومحبةً للحياة.
مع تمنياتي بخالص السعادة والفرح، والمزيد من الابتسامات الحقيقية التي ترتسم على وجهك
تفصلني عدة دقائق عن آذان المغرب.و ها نحن نلتقي مجدداً.
فلتعلم يا فرزت،أنك رغم كل التيه و الضياع الذي تحيا فيه،إلا أنني أحسدك على ما أنت عليه.أحسدك على أمتلاكك لقصص ترويها لأطفالك حين تنجبهم.
أما أنا،فقد إخترت الطريق التقليدي الذي لم أرغب به يوماً،اخترت أن أكون أباً لأسرة صغيرة،و ترساً في آلة تدعى “العمل لدى الغير”
لم يكن إختياري حقيقةً،لكن كونيّ إلتزمت الصمت،إذاً فأنا شريكٌ في الجريمة.
لم أعلم بأنك قد غادرت مصر إلا منذ 10 دقائق.و أنا الذي سألت نفسي طويلاً:لماذا توقف هذا الأخرق عن الاتصال بيّ… منذ سنتين!؟
و لم أكلف خاطري أن أحاول إيجاد السبب وراء ذلك،بل إكتفيت بالتساؤل.
أتمنى لك حياةً سعيدة،طاب يومك.
أهلًا طارق
أتمنى لك كل السعادة والمحبة في الحياة التي اخترتها،
لا أذكر فعلًا سبب توقف محادثاتنا، لكن أذكر أنّ السبب كان خلافًا ما انتهى بابتعادنا كليًا.
صديقي طارق، الكل يحسد الآخر على ما لايجده
أنا وحيد، في مدينة مرمية في طرف بلدٍ لا أعرف فيها أحدًا، أعيش وحيدًا وأشرب وحيدًا وأدخن سجائري الوهمية وحيدًا أيضًا..
كلنا نسعى لما لا نملك..
صحيح!لقد تذكرت.
خلافنا كان لأجل فتاة،لطالما كانت النساء سبباً للإغواء و البلاء،هي احبتك.. و انا أحببتها و كرهتك انت!
و صدقت!
نحن نرى العشب أكثر إخضراراً على الطرف الآخر..هذه هي مشكلتنا الحقيقية..
فتاة؟ يا لطيف!
حاولت عصر مخي كثيرًا، لكن لم أستطع أن أذكر فعلًا ما الذي حدث، النساء والرجال هما سبب البلاء والسعادة على هذا الكوكب بكلّ تأكيد.
[…] أجمل ما حصل لي في ألمانيا، وقبل ألمانيا.أنتِ، يمنى، صديقتي العشرينية، حبيبتي، […]