في البداية أعتذر عن تأخيري في الكتابة، ..فقط؟ تفضلو !

و جافى النوم عينيّ ! لم أنم إلا لأربع ساعات بعد رحلةٍ طويلة امتدت سبع ساعات في الطائرة و نهار مرهق حتى وصلت لغرفة أنام بها. سمعت أذان الصبح، بغض النظر عن دينك أو انتمائتك العقائدية أو حتى تنكرك لها، أن تسمع ذلك الصوت وهو بصراحة كان جميلاً في الجامع المجاور لنا، يصدح “حيّ على الفلاح” لا يأس لا استسلام! الفلاح هو ما على الإنسان فعله في الحياة (مذكرة من فرزت الماضي إلى فرزت الحالي، اقرأ كلماتك! تبدو مفيدةً لك!) قمت بالتوضئ بماء قليل في زجاجة موجودة في الغرفة، مددت سجادة الصلاة وصليت. كنت وحيداً ضعيفاً في بلد غريب! كان ملجأي الوحيد هو الصلاة.

ارتديت ملابسي و شغلت حاسبي حتى استيقظ صديقي وارتدى ملابسه، خيّرني بين الانتظار والذهاب إلى الكلية.. لن أبقى وحيداً هنا ! ذهبت معه إلى الجامعة..مشينا في الطريق من المدينة الجامعية إلى الجامعة، الطريق يحتاج تقريباً إلى 15 دقيقة أو 10 فقط.

وصلنا إلى الجامعة، “تعال فرزت عازمك ع كاسة قهوة شو رأيك؟ تصحصح؟” هززت رأسي بالموافقة وذهبت إلى المقهى “الوسطانية” لأنهى في وسط كلية الطب، كلية الطب تحوي 3 مقاهي. جلسنا نحتسي القهوة، نسكافيه، لكن مش نسكافيه تبعنا، طيبه ولذيذة! أحببتها جداً! بينما كنا جالسين أنا والديري تأتي فتاتان تسلمان عليه ويعرفهما عليّ. “فرزت من عنا من القابون، جديد هون”. تنظر إحدى الفتيات إلي “أهلا وسهلا في ليبيا بلدك الثاني، يامرحب ” أهز برأسي وابتسم. الفتاة الأخرى “لك اهلا وسهلا خيو، مية السلامة” كانت الفتاة قصيرة نوعاً ما لكنها تبدو سوريّة، من حلب تحديداً “أهلين أختي.” وقصّ لهما الديري قصة التقائنا، الفتاة الأخرى، والتي سألتقيها مرة أخرى بعد، كانت طويلة نوعاً ما تلبس حجاباً أحمر، وحذاءَ أحمر، وحقيبة يد حمراء..كنت أنظر حواليّ وأبحث عن الذئب!

احتسينا القهوة وخرجنا لنحضر المحاضرة! جلسنا في القاعة والتي كانت كبيرة نوعاً ما لكن أصغر من قاعة الشام، فهنا السنة مقسمة لثلاث فئات ولا يحضر الكل معاً..كما في كليتنا المجيدة !

بعد نصف ساعة من الانتظار لم يأتي أي من المحاضرين، نظرت الحلبيّة إليّ “والله أنك فال خير، ريحتنا من شوفتو ” ارتسمت على وجهي ابتسامة صغيرة، لم أتكلم كثيراً، فلهجتي مختلفة عن الجميع هنا، حتى السوريين يتكلمون باللهجة الليبية السريعة مع الليبين.

توجهنا بعد ذلك إلى مكتب مدير التسجيل في الجامعة والذي أيضاً احتجت لترجمة صديقي الديري حتى أفهم ما يقول، والمهم خلاصته “غدوة و الله غالب” وهما كلمتان كرهتهما !

كان معي أغراض عليّ أن أوصلها لمحل عميّ، اتصلت برقم المحل “س. ؟ أنا فرزت بن أخ أبو ماهر” “هلا وش تقول ؟شن مانفهمش عليك ممكن تدوي بصوت اعلى؟” لم أفهم ولا كلمة، كنت سألقي بالهاتف بعيداً، لكني أعطيته للديري الذي تكلم دقيقتين وأعطاني هاتفي. نظر في وجهي وابتسم “هي تونسية، وعرفت مكان المحل وحنروح المسا شو رأيك؟، هلق بدي عرفك على الشباب”. هززت برأسي موافقاً.

خرجنا من القاعة إلى القهوة الطرفية، “هلا بالديري هلا هلا” شاب في عمر الديري، لحيته السوداء كلحية جيفارا، أو هكذا تخيلتها، ويرتدي قبعة سوداء وفي يده سيجارة يدخنها في بطء شديد، ومن بين أسنانه الصفراء تخرج سحابات الدخان كأنها غيوم تشتاق لتعانق السحاب.

على يمين الطاولة، كان هناك شخص آخر وهو من الأشخاص الذين نالوا احترامي وإعجابي، شاب أشقر الشعر هادئ متزن. “كيفكم شباب تفضلو”

“هادا فرزت صديقنا واخونا من الشام” وبدئنا بالكلام، الشام وشو صاير بالشام! أعجبت بحديث ع. الهادئ كثيراً، كان ع. من فلسطين لكنه سكن في حمص عشر سنين، كان شديد الثقافة واسع الإطلاع، أليس كل الفلسطينين كذلك؟

ودعنا الشباب وذهبنا إلى المنزل، قام الديري بإعداد “مقلوبة”، أنا لا أحبها، ولا أحب الباذنجان، شيء شخصي بيننا! لكني أكلت قليلاً بعد إصرار صديقي ومضيفي، لم أكن جائعاً، أو كنت مزعوجاً من فصل البارحة!

“يلا تروح عالمحل توصل الغراض؟” سألني الديري، أجبته بالموافقة، كان لا بد أن نخرج حتى نعود قبل الظلام..فالظلام في بلدة مليئة بالسلاح.. مخيف!

ركبنا “الإيفيكو” وما أدراك مالإيفكو! الإيفكيو هو المكافئ الموضوعي للمكرو في سورية! في هذا الرابط مغامرتي في الإيفيكو!
قال لي الديري “لاتتخدث هنا، لهجتك تكشفك، وهنا الناس من جماعة القذافي”طحالب” ما يحبو الثورة ولا السوريين فاسكت” سكتت!

بعد حوالي النصف ساعة وصلنا إلى الشارع المطلوب، شارع 24 ديسمبر،1 سبتمبر سابقاً، مشينا ووجدنا جامعاً صلينا فيه المغرب وانطلقنا للمحل.

دخلنا المحل، ولاحظت فوراً أن الديكور نفسه المستخدم في المحلات في دبي، كاريتيه لا تختلف أبداً: دبي أو طرابلس!

“هلا ومرحبا، كيفو نقدر نخدم فيكم، هذولا مستحضرات تجميل وهذولا عطورات” قالت س. أجبتها “مرحبا، أنا ابن أخ أبو ماهر، في غراض بدي وصلهم لالكم.” “سلامة ومرحبا،كيفك شن الجو شن عامل” نظرت إلى الديري وقلت له أن يترجم!

“شنو الطفل مايفهمش عربي؟” تسائلت س. أجابها الديري أنني جديد هنا، ظهرت من الداخل سيدة أخرى، ر. كما دعوتها، تعرفت إليهما ولاحقاً كانتا من أعز أصدقائي في غربتي الطرابلسية! توانسة وسوري ^_^ .

نظرت إليّ ر “حرام شن جابك هني، انت تشبه ديكابريو تاع التايتنك” نظرت إليها، هذه الجملة الوحيدة التي فهمتها من الحديث والتي لم تعني لي شيئاً، فأنا لست وسيماً :’(   لكن يبدو أن اليبين قد عقدوا ر. كثيراً !

أعطيناهم الأغراض وأخذت أرقام هواتفهما وتوجهت للمنزل مع الديري، كنت متعباً نوعاً ما..شربنا الشاي ثم خلدنا للنوم!

هل غداً أفضل يا ترى؟ تسائلت في داخلي..ولم أعرف..

صفحة المحل في ليبيا على فيس بوك.