بعد أن عدت من المحل ونمت في الغرفة العتيقة الصغيرة على الأرض المتعرجة واستيقظنا على صوت الآذان الجميل. قمت بالوضوء بما بقي من قليل الماء وصليت على السجادة الحمراء الصغيرة، بعد أن أصبحت الساعة الثامنة والنصف قال لي الديري أن أستعد للذهاب للمشفى معه ثم للكلية، وافقته مسرعاً فأنا لا أحب أن أظل وحيداً في المنزل!
كانت المشفى قريبة من الكلية وهي من أكبر المشافي التي رأيتها فهي مكونة من ثلاثة مبانٍ ضخمة للباطنة والجراحة والأطفال كان ستاج صديقي (الستاج هو المرحلة التي نقضيها كطلاب طب في المشفى) في الأطفال دخلت معه وكانت مع الصديقة الحلبية ، لم يكن هناك العديد من الطلاب حوالي العشرة فقط، بدأ الطلاب بفحص المرضى الصغار. شاهدتهم وهم يفحصون، لم يكونوا أخذو الباطنة بعد، فقمت بتعلميهم كيف تفحص الصدر! طبعاً أستاذ فاشل!!!
بعد الساعة الحادية عشر ذهبت لمحل عمي في طرابلس، وتمشيت في طرق طرابلس قبل أن أدخل المحل، كنت أمشي في الساحة الخضراء سابقاً ، ساحة الشهداء حالياً، وبينما أمشي وأنظر إلى النوافير الجميلة سمعت صوتاً ينادي “فرزززت” استغربت!!!كيف لصوت أن يعرف اسمي في مدينة غريبة، في بلدة غريبة في مكان غريب لم أعرف فيه أحداً !

النافورة في ساحة الشهداء

النافورة في ساحة الشهداء


نظرت خلفي وإذ بصديق لي لم أره منذ سنوات عديدة، عبدو، يحضنني،حضنته وابتسمت نعم كم أنا مشتاق لرائحة الشام والقابون، صديقي في الجامع أطهر الناس! كيف حالك شو آخر أخبارك شو عم تعمل هون..
اكتشفت أن صديقي وأهله ذهبو إلى ليبيا بعد أن فقدو قسماً من بيتهم نظراً لقذائف الهاون في دمشق في القابون 🙁 وأن صديقي قد أصيبت قدمه في أثناء تفجير 🙁
قال لي تعال إلى منزلنا وأقم عندنا حتى تفرج الحال، أجبته بالإيجاب لكني لا أستطيع في الوقت الحالي لأني معزوم على الغذاء مع صديقي الديري. أعطاني رقمه وأخذ رقمي وذهب إلى عمله وذهبت إلى المنزل !
تكلمت مع الديري وعن مفاجئتي بلقاء صديقي ففرح لفرحي وقال لي هل تعرف أن تسلق لنا البيض؟ أجبته بالنعم، ولكن كيف؟ نظر إليّ وابتسم..لقد بعثوك أهلك لحتفك! ضحكت من كامل صدري وقام هو بعمل الكسكسي وهي أكلة مغربية لذيذة مع المخلل اللفت الأحمر!
أكلنا هذه الطبخة مع أصدقائنا الليبين في المدينة الجامعية ، كم هي جميلة في البرد أن تجتمع مع أصدقاء من عدة دول وتتناول طعاماً مختلف!
ذهبت إلى الكلية في النهار التالي لأرى مسؤول السنة الخامسة، أعطاني بطاقة للحضور مع طلاب الباطنة كما قال في السنة الخامسة ولكني لست طالباً ! أنا فقط مراقب!!!
تفاجئت بالوضع فأنا كنت متفقاً على أن أكون طالباً وأدرس لأتخرج!
اتصلت بأهلي وأخبرتهم، أنا لاأريد أن أتدرب في طرابلس وفي إمكاني التدرب في دبي!! أجابوني بأن دكتوراً في الجامعة سيأتي بعد أسبوع ،فاصبر حتى ذلك الوقت!
امتلأ صدري بالغيظ، وكرهت ليبيا وأبوها!
ذهبت إلى المحل وجلست مع التونسيتين،حاولتا التخفيف عني وأصرتا أن لا أذهب قبل أن أتغذى بيتزا معهما!
تغذينا البيتزا مع الهريسة….أخ من الهريسة!!!كانت الفتاتن تأكلانها كأنها سكر وهي حدة جداً !أشرب كأس ماء بعد كل لقمة.
اتصل بي صديقي السوري أخو عبدو..يريد أن يلتقي بي في ساحة الشهداء، قلت له أكون هناك بعد ساعة..
لقائي مع صديق بعد غربة 3 سنوات !
ذلك في الحلقة القادمة!