رحلة البحث عن الانترنت

كانت رحلة البحث عن الانترنت صعبة، في ليبيا لا يتوفر الانترنت إلا في مقاهي الانترنت، ولكني كنت بحاجة له لأعمل على موبايلي ، أي إنستاغرام كما تعلمون يا سادة و واتس أب وماجاراه ! المهم، مناف كان يعمل في صحيفة؟ تذكرون؟ لديهم انترنت مفتوح الباقة وبسرعة 4 ميغا، هذا يعتبر سوبر فاست هنا ! عزمني مناف، فذهبت! لأشغل النت، دخلنا مقر الصحيفة وعرفهم مناف عليّ لما دخلت في آخر الدوام، جلست جانبه على طاولة المدققين، ثم أومئ لي أن أجرب الانترنت، لم أكد أفتح الموبايل حتى قطعت الكهرباء عن المبنى بأكمله ! وتوقف النت 🙁
لا تستطيعون تخيّل ضحكة مناف عندما رآني متفاجئاً ! سألته هل يحصل هذا عادةّ؟ قال لي أنه خلال الشهرين الذين عمل فيهما لم تقطع الكهرباء مرة واحدة!
ده انا حظي زنخ (عقولة المصريين)
طيب ياعم مو مشكلة. أرجع إلى بيت مناف ونجلس في الغرفة، يأتي عبدو من الشغل، نأكل البيتزا اللذيذة منزلية الصنع، ثم نقول له ماحصل معنا، استلقى عبدو على ظهره من الضحك المستمر! ثم عرض عليّ أن أزوره في اليوم التالي ! في مقر شركته يوجد انترنت! أجبته بالموافقة.
بعد عودتي من المشفى في النهار التالي ذهبت إلى عند عبدو وجلسنا في غرفته، قاللي لي أنّ اليوم الخميس وأن العمل ينتهي في الساعة الثانية والنصف، وأني وصلت في وقت جيد..كنت قد وصلت الواحدة والربع.
أفاجئ بمدير عبدو يقول له ” يلا عبدو ضبو خلونا نروح انا بوصلكم بالسيارة”
يضحك عبدو في سره ونخرج! قاللي لي ليتك دائماً معي لنخرج باكراً…وهكذا يا سادة لم أستطع أن أحصل على انترنت على موبايلي إلا نادراً !

البرد ؟

هل تعرفون ما هو البرد؟ عرفت شيئاً منه! في غرفة السكن الجامعي التي لاتحوي نوافذاً !
كانت الدنيا باردة، الساعة الثامنة مساءاً أنا أرتدي معطفي الأسود الكبير، صديقي الديري وأخوه كل منهما يرتدي ما يقيه من البرد، لكن بلانوافذ..الهواء يلعب بنا ! دقائق معدودة..إنها تمطر ! والمطر يدخل الغرفة ! لا !! كده كتيير ! قمنا بإحضار ورق كرتون وثبتناه بالمسامير مكان النافذة المكسورة..وجلسنا نتكتك من البرد!
لازلنا نشعر بالبرد ! قرر صديقي الديري أن يخترع المدفئة الجديدة : الأركيلة !  تدفئنا على الأركيلة! من يومها كلما رأيت أكيلة أبتعد عنها وأنا أشعر بالبرد!

الرحيل!

اليوم الأول من 2013، أنا في مطار طرابلس، سأدخل إلى الغرفة الأخيرة للانتظار قبل إقلاع الطائرة، جهاز يفتش محتويات حقيبة اليد ويفتشك ، جهاز كشف المعادن أعني..وصل الدور إليّ جهزت نفسي كالعادة ( أخلع الحزام، النظارة ، الموبايل ضعه في الصندوق الصغير وأمشي تحت كاشف المعادن) لكن بمجرد ماحان دوري بدأ الجهاز بإصدار أصوات، غريبة عجيبة 😐 انتزع الجهاز ع حظي…وأنا كنت أفكر…طرابلس تأبى أن تتركني إلا وأنا متعقّد منها !!! المرأة التي خلفي تقول لصديقتها ” لقد انفضحنا أمام الأجانب ، عجبك؟” ابتسمت وحييّتها ، قالتلي ” غود مورننغ” قلت لها “صباح النور” قالت لي “عربي؟ إذاً لا مشكله مع الأعطال، متعودييين”
العرب كلهم متعودين على التأخير !
بعد ربع ساعة اشتغل الجهاز، واعتذر طاقم المطار وسيّر أمورنا بسهولة..في الانتظار اتصلت بمناف أودعه، قال لي أنه أمام المتحف وأنه مفتوح للزيارة ! بدأت أضحك، حظي النحس لايعرف نهاية ؟؟
مزح معي مناف..قاللي إلى أين تشد الرحال يا ابن بطوطة؟ قلت له إلى آسيا..قال لي ستعود إلى إفريقيا قريباً…
صدق مناف!!!
عدتُ إلى إفريقيا، إلى مصر ! تلك مغامرتي القادمة!
في نهاية كل ماحدث معي في ليبيا، هناك أناس أقدر كلما فعلوه معي، أكرموني وهم لايعرفوني، أسكنوني معهم واعتبروني أخاً..أشكر كل من قدم لي مساعدة ..لن أنسى فضلكم أبداً!
ومن كان يراسلني بشكل دائم ..شكراً لكم..وإن كنتم لاتقرؤون هذه التدوينات..لكن أشكركم! من لم يشكر العبد لن يشكر الرب !
شكراً ليبيا..تعلمت منك كثيراً.. أتمنى زيارتك في وقت لاحق تكونين فيه دولة قانون ومؤسسات… قريباً بإذن الله !