على ضفاف القصباء مستمعاً لصوت Lana Del Ray  الفخم، وبرفقة الهواء العليل البارد في هذه الليلة الخريفية الشتوية من كانون.. أكتب لكي أتذكر..لكي أرجع بعد سنين عدة وأنظر إلى ما كتبت، وأرى كيف تغيرت خلال عشر سنوات أو أكثر.  إنها الحياة يا صديقي، لاترحم ولاتذكر من لايكتب..اكتب يا هيبا فمن ياكتب لايموت أبداً.
أكتب وأنا أستعد لمغادرة الإمارات للمرة الثالثة عائداً إلى مصر. ألم أخبركم بعد؟ نوعاً ما أصبحت مصرياً :]
بعد رحلتي القصيرة والمزعجة في ليبيا وفقداني الأمل تقريباً في الطب واستكمال دراستي الجامعية، أتاني حل آخر، إنها أم الدنيا وقد فتحت ذراعيها للطلاب السوريين.
تكلم معي صديقي أ.ش ليقنعني بالانتقال والإكمال في مصر والعودة لمقاعد الدراسة مرة أخرى، لأنال إجازة في الطب والجراحة، فقط سنتان هو كل ما يلزمك..سنتان فقط لتصبح طيبياً، لماذا ترمي ست سنوات من الدراسة بعيداً؟

أمام الأزهر

أمام الأزهر


كنت أفكر في هذا الأمر في شهر نيسان..ولكني كنت متردداً بعد عودتي من ليبيا، المهم…اتخذت قراراً وأخبرت عائلتي بوجوب السفر لكني لم أخبر أحداً إلا قبل يومين من موعد السفر…لم؟ لا أعلم…. المهم أنني اتخذت قراراً بالعودة مجدداً.
جهزت أغراضي وحقائبي للسفر مرة ثالثة…مللت السفر وتعقيداته المختلفة..المطارات..التفتيش…الأغراض..ماذا تأخذ معك ماذا سوف ترتدي هناك وإلى ماهنالك من هذه التعقيدات المتكررة.
لم أعش يوماً من الأيام معتمداً على نفسي اعتماداً تاماً فدوما كان هناك من يطبخ لي من يغسل ملابسي، من يهتم بالصحون المتروكة في المجلى! الآن كان علي أن أعتني بكل ذلك…وأن أعيش لوحدي أو مع آخرين لا أعرفهم سوف معرفة سطحية…أيام دمشق…كم تبدو بعيدة هذه الأيام الآن……
الأول من مايو..مرحباً مصر.
وصلت إلى أرض مصر الواسعة في الساعة السابعة مساءً بتوقيت مصر، منتظراً شخصاً آخر..من المفروض أن يصل بعدي بنصف ساعة، شخصاً غريباً عني، لم أعرفه من قبل…لكن تشاء الأقدار أن تجعله بعد فترة من الزمن واحداً من أعز أصدقائي.
بعد أن وصل صديقي الجديد بدأنا رحلتنا إلى المستقر الاخير..نوعاً ما… طنطا! عروس النيل…
دائماً انتقالي من عروسٍ إلى أخرى.. من عروس البحر طرابلس إلى عروس النيل طنطا..عاصمة الدلتا! ومحافظة الغربية.
ثلاث ساعات قضيناها في باص ينقل الركاب من القاهرة إلى طنطا…حتى مغادرة حدود القاهرة كان السائق يذيع القرآن، ما أن قطعناها حتى بدأت أصالة وأخواتها، وأغاني عن الغربة والاغتراب..بدأ ع.س بالضحك..وضحكنا سوياً وبدأنا بالتعرف على بعضنا البعض، والأصدقاء المشتركين بيننا. ساعتان كاملتان من الحديث المتواصل.
ثم كانت طنطا!