حريّة المعتقد
أن أستطيع قول ما أعتقد، كيف أفكر، ما أراه صحيحاً أو خاطئاً، أن أتمكن من العيش مع الآخرين بسلام، دون اضطهاد مني لهم، أو منهم لي.
في الأفكار المجرّدة، بعيداً عن كل شيء، أهم ما في الحياة وأقدس ما فيها هي الروح البشرية، أيّا كانت أفكار حاملها. حرام قتل الروح وانتزاعها من حاملها بسبب خلافٍ فكريّ أو عقائدي، لماذا يقتل البشر بعضهم البعض؟ هل الدين الحقّ يأمر بذلك؟ العقيدة الصحيحة؟
لست متعمقاً بذلك لدرجة كبيرة، لكنّي أعلم أن فطرة الإنسان السليمة تنهاه عن القتل واستغلال الآخرين، كل فعلٍ سيء سببه الأول والأخير المصلحة الشخصية فوق المصلحة العامة.
يُحكى أنّه في عصر من العصور تحت راية الإسلام عاشت دول وناس وأديان مختلفة، كلّ منها تمارس عقيدتها وممارساتها الدينية حسب ارتياحها. اعتقاد الشخص وإيمانه هو شيء شخصيّ بحت، لاعلاقة لي فيما تؤمن به أنت، ولا علاقة لك بما أؤمن، لك الحقّ أن تنصحني وأسمع لك، ولي الحقّ أن أردّ عليك حجتي، لك الحق أن تنشر مبادئ عقيدتك وتحاول جعل العالم أفضل بسببها. ليس لك الحقّ أن تقتل وتسفك الدم وتدمر البلاد بسبب دين أصحابها، أنظر للحرب الصليبية، الحرب المقدّسة كما سموها هم، كلها حروب سيطرة واقتصاد تمّ الدعوة إليها باسم ديني لجلب الحشد الأكبر من “المؤمنين” للدفاع عن دينهم وإلههم ومعتقداتهم، كلٌ في هذه الحرب كان يدافع عن إلهه وحسب.
الحقيقة السوداء المرة، أن حرب المصالح لاتنتهي لأن بني الإنسان لانهاية لحقدهم وطمعهم وجشعهم، لكن الأمل بوجود مشاعل تنوّر الطريق لمن حولها وتحاول أن ترشدها إلى الخير.
قد أكون مخطئاً فيما قلته، لكن هدفي الأول والأخير أن أقول :
حرية المعتقد هي أن أعيش أنا وأنت سوياً بسلام مهما كانت اختلافاتنا، أن نحاول أن نجد الأشياء المتقاربة ونبتعد عن الخلاف ، أن لا تُسيء إليّ وإلى معتقدي، ولا أسيء إليه. يمكنك أن تقول لي : لا أؤمن بكل ما تصدقه، لكن أرجوك لاتسفّه إيماني وإن كنت تعتقد بوجوب سفاهته وسذاجته.
أترككم مع مقطع للكوميدي الفيلسوف (وإن لم يكن يحب تلك الكلمة) جورج كارلين ، عن الأشياء المتشابهة بيننا:
اضف تعليقا