بين أخبار سياسية لا تنتهي و إنفلونزا الخنازير التي تستمر في الصعود و النزول كمعدلات الأمطار التي لانرى منها سوى أرقامها، كانت الإجازة الطويلة التي لم نعرف لها نهاية حتى الآن، لا أحب الخروج من المنزل، شخص بيتوتي للغاية، كلمة قد تلخصني كلّي ! لكن عند إعلان رحلة إلى الإسكندرية، تلك المدينة التي توصف أنها “لاتنام” وبما أنني لم أزرها ولم أزر بحرها من قبل…قررت الذهاب مع أصدقائي إلى هناك !
انطلقنا من طنطا صباحاً في الثامنة، الطريق يستغرق ساعتين.. لكن ليس في هذا الباص المهترئ. جلسنا في المقعد الأخير، أنا و أربعة من أصدقائي وكنا للأسف الشبان الوحيدين في هذه الرحلة. ثلاث ساعات قضينها بين كلام وأغانِ مصرية وأخرى لم أعرف حتى الآن جنسيتها، أشهرها ” مش حاروح” والتي كانت بامتياز أكثر أغنية مثيرة للاهتمام بالنسبة لي!
بعد مضي ثلاث ساعات طوال، وصلنا قلعة الإسكندرية، قلعة قايتابي كما تُسمى. دخلنا هذه القلعة الكبيرة المطلة على البحر.. من الداخل القلعة فارغة وصغيرة جداً لاتوازي أي قلعة من القلاع الموجودة في سوريا، لكن المميز بها هو سورها الكبير والثنائي الجدار ذو الإطلالة الرائعة على البحر الأبيض المتوسط.. هذه هي المدينة الثانية التي أرى منها المتوسط، بعد طرابلس ليبيا..للأسف لم أرى المتوسط في سوريا أبداً…

قلعة إسكندرية
غادرنا القلعة وذهبنا في رحلة بحرية في قارب صيد صغير في البحر، عندما تبتعد عن الشاطئ يصبح الماء نظيفاً ونقياً، رائحة ماء البحر المالح ونسيم الهواء العليل الذي يتخلل شعري أعادلي ذكرى ليبيا بطعمة أخرى… ليبيا التي كرهتها حينها، أحب ذكراها الآن، الآن هي ذكرى جميلة مع أصدقاء لا أعرف متى لقاهم مرة أخرى.
بعد خروجنا من البحر، أخذنا نتمشى في شوارع الإسكندرية، بسيطة هي الإسكندرية ليست كالقاهرة، لا يوجد فيها الازدحام نفسه ولا الدخان المنبعث من السيارات يوازي أي شيء في القاهرة. الإسكندرية هي ملجئ رائع، بحر وهواء عليل وعدد سكان مناسب نوعاً ما.

البحر من نافذة في القلعة

البحر من نافذة في القلعة

الوجهة التالية هي المعمورة، وهي منطقة قريبة لمنتزه الملك فاروق، ويذكر أن من بناها واهتم بها هو محمد علي، كما يذكر أن بها قُتل عثمان بن عفان. المهم، المنطقة جميلة نوعاً ما وتعتبر منطقة راقية، بحر وشاطئ ورصيف شاطئي جميل.. بينما كنا نتمشى أنا وأصدقائي كنا نرى أشخاصاً على عجلات.. بعد التحري والتدقيق المتستمر، تبين لنا وجود محل لتأجير الدراجات الهوائية، ركبنا نحن الخمسة الدراجات وبدأنا بقيادتها، ذلك الإحساس التي تشعر به عند تخلل الرياح الباردة لجسدك واختراقك جدار الفردية المبني حوالك لثواني قليلة، تلك الثواني تعطيك إحساساً بقدرتك على الطيران! جميل ذلك الإحساس..
طريق العودة كان بنفس ملل طريق القدوم، مع محاولتنا النوم طبعاً ! لنصل إلى طنطا مرهقين من عناء السفر !(عناء السفر في أتوبيس) يبدو ذلك عنواناً مناسباً..
أحببت إسكندرية، لكني أحبّ طرابلس أكثر…