الساعة الحادية عشرة صباحاً، أفتح عيناي قليلاً، أتذكر أني الآن في إفريقيا مرة أخرى، البلاد الأولى، حيث جاء كانت بداية كل شيء، هل يا ترى هنا ستكون نهاية رحلتي الدراسية التي دامت طويلاً؟

أذهب لأغسل وجهي، أرى صديقي ج. يعدّ الفطور، أبتسم وأحييه، يدعوني للجلوس معه وتناول الطعام.
فطور دمشقي بسيط، هذا ما أفتقدته في ليبيا، بل الصديق الذي تعرفه من قبل، ذلك شيء هام، ولو أني في ليبيا تعرفت على أصدقاء جدد رائعين أيضاً. نتكلم معاً عن الجامعة والدوام والمنهاج وطريقة الامتحانات، فهأنا قد جئت في آخر العام حيث لا وقت للعب، فقط امتحانات!
ما لبثت حيناً حتى وجدت أنس ، صديقي الذي أصابني باللعنة 🙂 يرتدي ملابسه ويخبرني بالإسراع معه.
-لوين؟
– عالدوام!! المدام فايزة ما لح تاخد حضورنا إذا تأخرنا!!!
-أنا: يا رب ! لنشوف شو بيصير !
توجهت مع صديقي، لأول مرة إلى “راوند” الباطنة العامة ، مسرعين وصلنا إلى المشفى الجامعي خلال عشر دقائق، والحمدلله! لقد وصلنا قبل انتهاء الوقت المخصص لتسجيل الحضور! الغياب يعني عدم الدخول في الامتحان هنا!
جلست في المقعد في الصف قبل الأخير، وجدت وجوهاً آسيوية، وأخرى تبدو غير مصرية، تكلم أحدهم باللهجة الفلسطينية المحببة، ثم تكلم أحد الآسيوين بالإنكليزية، تبين لي في ما بعد أن هؤلاء ، شبهائي! ماليزيون !

كانت المحاضرة عن تخطيط القلب، بسيطة جداً ، لكني كنت متلبكاً ! إنها المرة الأولى منذ فترة لأحضر صفاً رسمياً !
أتممت ورق تسجيلي بسهولة في اليوم الأول في الجامعة، ولأقل معظمها! وكان مدير مكتب الوافدين بالجامعة متعاوناً جداًاًاًاًاًاًجداًاًاًاًاًاً 🙂  (حتى أنني خصصت تدوينة عن التسجيل تجدونها هنا، وخصص أصدقائي مقطع فيديو مضحك عن المعاناة التي يجدها الطلبة في التسجيل يمكنكم مشاهدته من خلال الضغط هنا.)

عددلي الأوراق التي يجب تصديقها من السفارة وتلك التي يجب أن أحضرها من الوافدين في القاهرة، تكلمت مع صديقي أنس في موضوع، أخبرني أن من استقبلني في المطار يهتم بأوراقي، هززت برأسي سعيداً،لن أضطر للسفر ثلاث ساعات إلى القاهرة! الحمدلله !
اليوم الثاني، كانت الخطة اليوم هي الذهاب للكلية لحضور محاضرة تعريفية عن الكلية ونظامها من قبل اتحاد طلاب الجامعة، مازلت متوتراً وأشعر بالغربة والضيق، دخلنا الكلية، بدأت المحاضرة عن اللغة الإنكليزية والطبية وصعوبتها، ثم عن مواد الكلية وأقسامها، ثم تم تقسيمنا مجموعات حسب سنواتنا الدراسية، أنا كنت في الخامسة مع ج.و أنس، تحلقنا حول طالب، لم أعتقد في البداية أنه طالب، كان ضخماً وكبير الجثة، ذلك الشخص الذي شرح لي عن الباطنة ودراستها، ذلك الشخص سيصبح أحد أعز أصدقائي المصريين!
كان يشرح وأنا بين اثنين من السوريين الذين يدخنان السجائر، وأنا أكرهها! كل شيء كان غريباً..
لم أفهم شيئاً رغم البساطة، كنت أشعر بالضيق والضجر، لكن..حاولت الابتسام رغم ذلك.
عدنا إلى المنزل، ضائع أنا، أين أجلس أين أدرس أين أعيش! مبدئياً قررت انتظار الحصول على شريك لاستئجار منزل، وخلال وقت إيجاد الشريك، العيش مع ج. وغ. وأنس! الثلاثي المرح!
كانت غرفة الجلوس هي غرفتي، وبطانية مفروشة في الأرض هي سريري وحظيت برفقة ثلاثة أكن لهم كل الحبّ والامتنان.
يتصل ع.س بأنس ويخبره أنه لن يعمل بأوراقي، لانشغاله، أو بالأحرى، أنه لم يقم بأي شيء فيها! نظرت إل أنس وسألته ماذا إذاً؟ فأخبرني بوجوب انتظار انتهاء عطلة “شم النسيم” .
استلقيت في فراشي بعد أن استمعت لبعض المقطوعات الرائعة التي أعطانيها غ.ع.  جلست أفكر فيما سيحصل في القاهرة..أغمضت عيني..غير عارفاً بعد لما سأواجهه هناك..
إنها السيدة ذات الوجه الأبيض..السيدة التي ستخبرني خلال ثلاث دقائق سوداء شنيعة بأسوأ خبر لي في مصر!