أن تختصر حياتك كلها في صندوق صغير، ذلك هو فن “البقاء”.
يصعُب على اختبر تلك الحالة أن ينتقل إلى غيرها، تصوّر نفسك فقط حاملاً حقيبةً لاتحوي سوى أساسيات قليلة، كتبٌ، ملابس وأدوات قليلة أخرى، منتقلاً من مكان إلى آخر، لاتجد أرضاً ثابتةً تحت قدميك. قالها أحدهم ” متى خرجت من وطنك، ستبقى قدماك مرتجفتين مدى الحياة، حتى وإن عدتُ إليه بعد زمن، فقد أصبحت مثل الكثير، غريباً.”
تبقى دوماً في رحلتك مطروداً من أرضٍ إلى أخرى متسائلاً عن الحلم الذي يراودك “أن يكون لك كوخ صغير، مش بيت” واستحالة تحقيقه.
وليست أغراضك فقط هي التي تبقى أسيرة هذا الصندوق الصغير، بل كل علاقاتك وأسرارك. كل هؤلاء الذين مرّوا في حياتك خلال رحلتك الطويلة القصيرة، كيف سيتسع الصندوق لهم؟ في كل أرضٍ تمرّ بها، ترى تلك الوجوه والأرواح الصديقة، تقضي أوقات لاتُنسى، ثم تُغادر كأنّك لم تكن، تكون لهم شبحاً عابراً، ربّما صديقاً مرة، وربما كابوساً فرحوا بالتخلّص منه.
ثم تمضي وتمضي وحيداً، فكلّ شيءٍ في حياتك مؤقت، كلّ شيء له عمرٌ نصفيّ معروف.
لكنّك تخاف من الاعتراف، فتُغري نفسك في حلم الخلود المؤقّت. وتنسى أنّ حياتك تُختصر في صندوق.
ثم تغادر لكي تُصاب بالألم ذاته، في أرضٍ جديدة.
هذه التدوينة مشاركة في حدث الفيسبوك صورة تحكي.
#صورة_تحكي