32494_660_-
حاملاً “أولاد حارتنا” بيدي، انطلقت في طريقي لبلدة بعيدة عن طنطا، لم أعرف اسمها، ومن مكرو باصٍِ إلى آخر حتى وصلت إلى المحطة النهائية، الشخص الذي يفترض أن ألقاه هناك مجهول بالنسبة لي، تكلمت معه مرتين بالهاتف ورأيته مرة منذ سنة في بلاد أخرى غير هذه البلاد. بدأت الأمطار تهطل بغزارة، خبّأت الرواية التي التهمت ربعها قراءة، من العجيب كيف يسحبك محفوظ لا تستطيع أن تقرأ خمسين صفحة وتقف؛ كل مئة صفحة معاً!
أحبّ المشي تحت المطر، وفي البرد، في ذلك الشارع وحيداً، يحمل المطر كثيراً من الذكريات، بعضها أليم والآخر مفرح…
يرّن الهاتف، يقول لي أنا أمامك، أنظر في العتمة إلى الأمام لأجد ذلك الرجل، أصافحه ثم يأخذني بيده ويعرفني على عائلته في المنزل الدافئ، لا أعرف إن كان ذلك تأثير محفوظ، إلا أنني أحسست بشخصيات القصة تقفز من الكتاب وتصافحني، الجد الكبير وأبناؤه والأحفاد الصغار، الكل كان بشوشاً، الدفء يعمّ وجههم الفرحة.
لم يرضَ مضيفي أن أخرج قبل أن أتناول العشاء معه، ولكي يكون اليوم مميزاً، كانت الوجبة بطاً.
لا يختلف طعم البطّ عن الدجاج إلا قليلاً، ربما أطرى وألذّ! وتحدثنا عن مصر وعن البلدة الصغيرة ذات الاسم العجيب “تورا بنوب” أو هكذا سمعته وفهمته في النهاية!
الناس في هذا البلد طيبون. هذا ما كنت أفكر به وأنا أحتسي كوب الشاي مع الرجل وأهمّ بالمغادرة..
أعطاني ما جئت من أجله، وأعطاني أكثر، أحياناً كلمات من شخص غريب تجعل يومك أكثر جمالاً.
شكراً لك.