حضرت منذ يومين ندوةً مع عدد من الأصدقاء عن “الفنّ والجمال” وتطور المدارس الفنيّة عبر التاريخ، شرحت لنا فيها الأستاذة هند موجزًا ملخصًا ومفيدًا، سأحدثكم هنا عن ما بقي في ذاكرتي الضعيفة منها!
للفن تعريفات كثيرة، الفن هو “التفرّد” حسب جون ديوي، أو “القدرة على نقل المشاعر والأحاسيس من الفنان إلى متلقيّ العمل الفنيّ” حسب تولستوي، أما أوسكار وايلد فيقول هو “روح الإنسان في ظل الاشتراكية”
جاءت الحركة الدادية أثناء الحرب العالميّة الأولى، حارب الحركة الدادية كل شيء، الحرب والفن، حيث تقول أنّ الفنّ هو عبارة تمثيل لرغبات وأحاسيس الرجل البرجوازي الأبيض، فقد عادت الدادية الفن بإنتاجها الفن، لتصنع معادلة “الفن في مواجهة الفن”..

في القرن الحادي والعشرون يميل العديد مِن النقاد والفلاسفة إلى استخدام تعريف مارسيل دوشامب للفن كتعريف جامع حيث أن طول الجدل وتشعبه حول المفهوم لا يبشر بالوصول لتعريف محدد. يرى دوشامب أن الفن هو: “كل ما يقول عليه الفنان أنه فن“..”

ولهذا التعريف محاسن ومساوئ عديدة، أصبح بإمكان أي أحد أن يقوم بأيّ شيء ويطلق عليه اسم “فن” ويصبح بالتالي “فنانًا”، ارمي أوراقًا في الشارع وأطلق عليها اسم لوحة، عزيزي الفنان!
لكن ماذا عن المدارس الفنيّة؟

مسافـر فـوق بحـر مـن ضبــاب للفنان الألماني كاسبـار ديفيـد فريـدريــش

مسافـر فـوق بحـر مـن ضبــاب للفنان الألماني كاسبـار ديفيـد فريـدريــش


ديجو فلاسكيز - الوصيفات

ديجو فلاسكيز – الوصيفات


تحدثت الأستاذة هند عن مختلف المدارس الفنيّة انطلاقًا من المدرسة الإبداعيّة، التي كانت ترنو إلى رسم الخيال واستخدام ما وراء الواقع للتعبير عن مشاعر الفنان وأفكاره.
ثم انتقلت إلى المدرسة الواقعيّة، والتي نشأت اعتراضًا على الإبداعيّة، وقالت أنّ الفنّ يجب أن يعبّر عن الشعب وعن الحياة الواقعية وبالتالي عليه أن ينقل الواقع كما هو، المدرسة الواقعيّة تحاول تصوير المشهد كما الكاميرا الفتوغرافيّة دون أي إضافةٍ فنيّة شخصيّة عليه، أو بأقلّ الإضافات حسب الإمكان. لكن ذلك لا يجعل تلك المدرسة خاليةً من الإبداعات، وعن ذلك تحدثّت هند عن لوحة “الوصيفات” في مقالها الرائع، وشرحت لنا عن إبداع فيلاسيكز فيها، وسأترككم تكتشفون روعة اللوحة في مقالها.
انطباع شروق الشمس - كلود مونية

انطباع شروق الشمس – كلود مونية


وكما هي عادة التاريخ، ظهرت حركة ومدرسة جديدة كردّ على المدرسة الواقعيّة، المدرسة الانطباعيّة، والتي تعنى بنقل انطباع الفنان عن الواقع وليس الواقع بحد ذاته، ورأت أنّ من حقّ المبدع نقل وجهة نظره ورؤيته للواقع المتجسّد أمامه.
تطوّرت الانطباعيّة إلى “ما بعد الانطباعيّة“، التي تشترك مع الانطباعيّة في كثير من المبادئ، ضربات الفرشاة الثقيلة واستخدام الألوان المشرقة، واختلفت عنها باستخدام الأشكال الهندسيّة بشكل أكبر، وتنقل رؤية الفنان للواقع عبر ذاته، وأشهر أتباع هذه المدرسة هو الهولندي فان كوخ.
the_starry_night-wallpaper-1280x768

الليلة المرصعة بالنجوم – فان كوخ


استمرار الذاكرة - دالي

استمرار الذاكرة – دالي النسبيّة في السريالية!


أمّا عن رؤية الواقع بعين العقل اللاوعي، فيجيبنا عن ذلك دالي والمدرسة السرياليّة، وهي مدرسة آلية وتلقائيّة جدًا، ارسم بالرموز التي تعبّر عن معاني ومفاهيم أبعد منها، ومن تلك اللوحات لوحة “استمرار الذاكرة” لدالي، التي رسم فيها النظريّة النسبيّة!
وفي النهاية، أقلّ المدارس حظيًا بالإعجاب، التكعيبيّة والتجريديّة.. التكعيبيون-وأشهرهم بابلو بيكاسو- أتباع فيثاغورث، يعشقون استخدام الأشكال الهندسيّة في التعبير والترميز لفنّهم ولوحاتهم.
التجريديّة، تلك التي لا أفقه فيها شيئًا، كيف يمكن أن أشرح عن تجريد المعنى في لوحةٍ تُعبّر عن رؤية راسمها فقط..لوحة سوداء، أو ربما صفراء! فقط! التجريديّة ورسم اللامعنى..
القبلة -بيكاسو

القبلة -بيكاسو وهي تشرح النظريّة النسبيّة أيضًا


Piet_Mondrian_ Lozenge Composition with Yellow, Black, Blue,Red,and Gray

Piet_Mondrian_ Lozenge Composition with Yellow, Black, Blue,Red,and Gray


ربما أتحدّث في المرة القادمة عن “كيفيّة قراءة اللوحة الفنيّة” والتي كانت الموضوع الثاني من الندوة.
كانت ندوةً مفيدةً وملخّصة، أشكر فريق معرفة- طنطا على هذه الندوة وأتمنى حضور المزيد من هذه الندوات المفيدة!
يمكنكم الاطلاع على مقالات الأستاذة هند في إضاءات من هنا.
والاطلاع على مدونتها على تمبلر هنا.