بعد ركوب الطائرة المتوجهة لألمانيا، كان كرسيّ بين شخصيّن ألمانيين، أندرو ولوتا

هذه الخرابيش مملة، اقرأها مع هذه الموسيقى من فضلك

أندرو، طالب ماجستير، يدرس إدارة الأعمال في هولندا ويتكلم الإنكليزية بطلاقة، تحدثنا عن اللغة الهولندية والألمانية والفوارق بينهما، ثم غطّ هو في نوم عميق ليتركني مع لوتا.
لا أعرف إن كان تأثير الشمس أو عدم النوم لثلاثة أيام متتالية، لكن لوتا كانت غايةً في الجمال، كان ضوء الشمس ينعكس على شعرها الأحمر، بينما كانت منهمكة في كتابة مذكراتها، على دفتر ورقي! هؤلاء الناس ما زالو موجودين يا الله !
نظرت إلي، “هالوو” ومن ثم تتالت الكلمات، لا أعرف كيف. أنا لست إنسانًا اجتماعيًا، أنا لا أحبذ الكلام، خصوصًا مع الغرباء، تكلمنا عن ألمانيا، سوريا وزيمبابوي، فلوتا تطوعت هناك مع زملائها لتطوير أنظمة زراعية ومساعدة المجتمعات الأهلية…ست شهور دون إنترنت يا لوتا! يا لك من محظوظة..
قبل أن تهبط الطائرة، التفتت العينان الخضراوتان نحوي، وسألتني العزيزة لوتا:” كم حقيبةً معك؟”
“ثلاثة” أجبتها
“لن تستطيع حملها وحدك، سأساعدك وأوصلك إلى محطة القطار”
سويةً مع ابتسامتها اللطيفة، ومساعدتها لي في حمل حقيبتي، ذهبنا إلى محطة القطار، ثم نظرت إلي وضحكت “أتعرف ماذا نسينا؟”
هززت كتفي فأجابتني ذات العيون الخضراء والشعر الأحمر” لم نتبادل الأسماء بعد!” فعلًا!! كيف نسيت خلال ست ساعات أن أسأل الحسناء عن اسمها؟
“سأذهب إلى الرصيف المقابل، فقطاري هناك وسأعطيك اسمي حرفًا حرفًا، اسمي هو لوتا ….ابحث عني في فيسبوك”
وركضت لوتا للجهة المقابلة…انتظرتها، لأخبرها أني “فرزت” وعندما وصلت وبدأنا بالكلام، وصل قطارها بسرعةٍ تفوق 150 كم في الساعة..150 كم في الساعة بيني وبين صديقتي الألمانية الجديدة..
اختفت لوتا..اختفت بعد ست ساعاتٍ من الابتسامات الجميلة
لكن لن أستسلم ! فيسبوك واسمها موجود! حتى ولو أخطأت بكتابته…
بعد أسبوعين من البحث عن “لوتا”، وجدتها، لوتا لم تكن خضراء العينين، لم تكن حمراء الشعر ..كانت مثلي تقريبًا، شعر بني بلون البندق، عينان عسليتان مبتسمتان..وابتسامة جميلة وشعر مجعد جميل..
شكرًا لوتا، أنرتِ أول خطوة لي في ألمانيا..وشكرًا أندرو، لأن صوت شخيرك لم يكن عاليًا.