اتصل بي نجيم، أخبرني أنّه سيتأخر عشر دقائق واعتذر كثيرًا عن ذلك التأخير، أخبرته أنني هناك أنتظره، وألّا يقلق.

في آخن

المدينة رائعة، قديمة، تاريخية، يفوح منها عبق الدراسة والجامعة والحب والشوكولا أيضًا! ذهبت إلى منزل صديقي، شكرًا جوجل مابس! وحصلت على مفاتيح منزله، التي تركها لي في….احم، يجب علي أن لا أذكر ذلك في تدوينةٍ عامة؟ أليس كذلك؟ احم..على كل حال! انطلقت بعد أن وضعت متاعي في بيت صديقي، وبدأت أدور في آخن، تذكرت أن لي صديقًا آخر هنا، صديقًا لم أره  منذ..خمس سنوات!


آه، في البداية:  ذهبت إلى آخن للبحث عن الزفت..احم..عفوًا! عن تدريب في مستشفى الجامعة هناك، أو أي مستشفى ..أو أي شيء؟ عليك أن تنتبه بشكلٍ كبير إلى المواصلات في ألمانيا، فهي باهظة بعض الشيء، اضطررت أن أشتري ما يُسمى بالبطاقة اليومية (Tagesticket) وهي حلّ جيد لتجنب دفع 2.70 يورو كلما أردت ركوب الحافلة! تُكلف هذه البطاقة 7.50 يورو تقريبًا، وتستطيع استخدامها طوال اليوم، والحمدلله أني اشتريتها! 
البطاقة من هنا إلى آخن تُكلف 25 يورو، ذلك مبلغ كبير أيضًا، لكن تطبيق Blabla Car استطاع أن يخفض الكلفة إلى 6 يورو، بالركوب مع نجيم.
نجيم شاب وُلد هنا، مغربي الأصل، طويل القامة، شعره الطويل يغطي جبهته، عيناه هادئتان وصوته الأجش يعطي عمقًا لكلامته الألمانية. يتحدث نجيم العربية، لكن قررنا أن الألمانية هي الأسهل للتواصل..وعندما لا أستطيع العثور على الكلمة المناسبة، أنطقها بالإنكليزية ليساعدني هو ويعطيني الكلمة الصحيحة في اللغة الألمانية. تكلمنا عن كثير من الأشياء، سوريا، اللاجئيين، الوطن العربي، والكثير..والكثير..
img_20170208_112041
للوصول إلى مستشفى الجامعة أحتاج أن أركب الحافلة لعشرين دقيقة، ركبت . آخن جميلة، خضراء نوعًا ما، أجمل من دويسبرج..لا شيء أسوء من دويسبرج؟ لا أدري.وصلت إلى المشفى الجامعي..ربّاه!!!ربّاه ما هذا الجمال والإبداع…كل هذه الضخامة؟ كل هذا الترتيب ؟ قسم العصبية في آخن رائع..جدًا…كبير…لكل فريق بحثي في العصبية قسمه الخاص…كانت أعيني تدمع لرؤية هذا المنظر الجميل..
https://twitter.com/farzatalchayah/status/830405877844807680
ابتسمت الموظفة وقالت لي ” لا يوجد لدينا تدريب هنا…” جررت أذيال الخيبة إلى قسم الطب الباطني، وقدمت أوراقي هناك، لا تخشوا شيئًا، وصلني الرفض في اليوم التالي…
اتصلت به، صديقي بزوير، لم أره منذ خمس سنوات، يوم لم أودع أحد. رد عليّ وأصرّ على دعوتي إلى منزله، أخبرته أني لا أحب المنازل، وأريد المشي في آخن ورؤية متاحفها، وفعلًا، اجتمعنا وفعلنا ذلك! غريب أليس كذلك؟ أن ترى شخصًا بعد خمس سنوات، ليكون نفس الشخص وتحس بنفس الشعور اتجاهه الذي كنت تحسه سابقًا، بل ربما أقوى، بسبب العودة الجميلة.
زرنا سويةً ثلاثة متاحف، ثم زرت الرابع لوحدي في اليوم التالي، طبخنا سويةً، وأكلنا في منزله، ثم اتصلت بزميلي الأول – الذي أعطاني مفتاح بيته- ودللته على بيت صديقي بزوير، جاء الأول والتقينا عنند بزوير، التقيت بزياد بعد فرقة سبع سنوات أو أكثر!! تخيلوا!
كان اجتماعًا جميلًا، كنت أشعر بالفرحة لسماع قصص هؤلاء ونجاحاتهم هنا، أحببت آخن..أحببت لقاء أصدقائي، أحببت تاريخها.

إلى دويسبرج مجددًا

كان صديقي في عمله، أنا زرت متحف الجرائد في آخن، وتحدثت مع مدير المتحف عن الجرائد المختلفة، هناك جرائد محفوظة من العام 1890! تمشيت بجانب كنيسة آخن، كانت هناك فرقة صغيرة من ثلاثة عازفين: كمان جيتار وأوكوردين، أنا أحب الكمان والأكورديون جدًا. كانت عازفة الكمان مبتسمة وسعيدة، ضحكتها الجميلة ووجهها الطويل أجبارني على الجلوس والاستماع.
بعد دقائق معدودة جاءت الجدة، امرأة في آخر الثمانينات من العمر، قصيرة الطول، تحملها عكازة سوداء، همست في إذن عازفة الكمان، تلك التي أصبحت ضحكتها كبيرةً جدًا، وبدأت بالعزف، أكمل معها عازف الجيتار والأوكرديون، وبدأت الجدة بالرقص بالعكازة! لا أستطيع أن أوصف لكم الموقف حق الوصف، سعادة الجدة وابتسامتها وجماسها المُعدى، جمال الموقف كله وضحكاتهم..كان كل شيء رائعًا.


ستاربكس، موكا، كتاب سي1 وجلسة بجوار فتاة ترسم رسمةً “سريالية” كما قالت لي..للأسف لم أستطع أن أصور اللوحة، فقد اتصل بي نجيم ليأخذني إلى البيت.
آخن، كانت رحلةً جميلة! شكرًا لك! ولا بد من العودة.