سركون لا يكتب بقلم، سركون لا يحكي بلسان، سركون يطلق كلماته كالسكين، لتخترق روحك دون أن تحس.
لماذا يا سركون؟
كلنا لاجئون، كلنا نحسّ بالضيق، ونخرج من بلادنا إلى أخرى، نهرب من حرب داخلنا، وأخرى خارجنا، نركض تاركين كلّ شيء خلفنا، تاركين عمرًا، وأهلًا وصحبًا.
نحن معلقون بسلال نراها وأخرى لا نراها، بأوراق وحزنٍ وتعب، ضاقت علينا بلاد الله الواسعة، بل  حتى أنّ أوكسجينها يُحسب علينا “إعانة”.
أنا أختنق، أنا أختنق كي لا أتنفس هوائهم، كي لا أشرب من نهرهم.
“لو سألتني لقلت بشر في كل مكان” 
بشر؟ أيّ بشر؟ لا أرى سوى آلات تسعى لجمع النقود، سوى آلات تسعى لتُرضي رغباتها، وربما تكذب لترضي الصوت الداخلي وتُسمعه أصوات التصفيق، أصوات الضحكات، أصوات قرع الكؤوس احتفالًا بالإنجاز الأخير، وتهيئةً للإنجاز الآخر..ونحن “هناك”.
أكره الدوائر الحكومية، في كل البلدان، في مصر، في ليبيا، في ألمانيا، في سوريا.
“لأنه وصل لكنه لم يذق طعم الوصول”
هذه ليست كلمات عادية ، هذي طلقات تقتل يا سركون، هذا ما أريد قوله يا سركون، أنا لم أخرج يومًا من الطائرة، أنا لم أذق طعم الوصول بعد..سركون، أنا عشت في 50 منزلًا خلال السنوات  الست الماضية…سركون..لم يكن أحدها “بيتي”..لم يكن أحدها بيتي أبدًا..
ما هو البيت أصلًا؟ هل خانتني الذاكرة لأنسى معنى الدفء والحنان الذي تمنحه تلك الغرفة ذات الحيطان الصفراء والخزائن العالية؟
ماذا أفعل الآن؟ إنها الثانية بعد منتصف الليل، أمامي شاشة بيضاء وصوتك الهادئ الحزين، ماذا أفعل يا سركون؟
بعت أحلامي جميعها، بعت روحي، وبعت بسمتي.
منذ يومين ، قال أحدهم، من يقرأك لا يعرف أنك تستطيع الابتسام، وأنّ “روحك مرحة”..من أصدق يا سركون؟ وجهي أم قلمي؟