تضيء الشمس طريقها بين الغيوم التي تجمعت في سماء الشرق الألماني، لتلقي بالأشعة الدافئة على السهول والأشجار الخضراء، خضراء مصفرة ربما يجدر بنا القول، فقد بدأ الخريف بمسح اللون الأخضر من أوراق الأشجار بلطف، لتكتسي بلون أصفر برتقالي مُحمّر.

أجلس في الطريق وحيدًا، كما هي عادتي، القطار فارغ نسبيًا، لا أحد يخرج من منزله صبيحة الأحد، الكل ينام حتى ظهر اليوم. تغني ليناهيا بنا، فلنذهب معًا، نحن أحرار بلا قيود، نحن لا نخاف“.
أقرأ روايةجامع الكتب، بعض مقاطع هذه الرواية سوداء بشكلٍ مختلف، كذلك الذي يتحدث عن تحويل جلود السجناء إلى أوراق، أوراق عاليةٍ الجودة تُطبع عليها الكتب النادرة.
سأراها اليوم مجددًا، البارحة كان يومًا عصيبًا على كلينا، الكثير من النزاعات والجدالات، أنت تعرف كيف تتطور العلاقات أليس كذلك؟ عند الجدال تُصبح كلّ كلمةٍ سلاحًا يستخدمه الطرف الآخر ويغرسه في قلب الأول، مدركًا أو ربما غير مدرك أنّه سيتأذى هو في النهاية أيضًا، ليكون ألم محبّه ألمه بعد ثوان أو دقائق معدودة.
صعدت سيدة في الثلاثينات من عمرها القطار، شديدة النحل، ترتدي معطفًا أسودًا بذيلٍ طويل. تخلع معطفها الطويل وتعلقه، ثم تسند ظهرها على المقعد المقابل لي، تغمض عينيها، تضع السماعات في أذنيها. أنظر من الشباك، أحب لون الأوراق الأحمر.
ملعونة تلك المسافات، ملعونة تلك القطارات كلّها.

عندما يحين موعد الرحيل، كيف سأودعك ؟ أكره الوداع. قلبي يؤلمني حقًا.

ليونارد كوهين يغني
أتمنى لو  أن هدنةً نستطيع أن نوقعها
لا أكترث من منا سيتملّك هذه الهضبة
أنا غاضب ومتعب طوال الوقت
أتمنى لو أن هدنةً بيننا
أتمنى لو أن هدنةً بين حبي وحبك
لم أنطق بكلمةٍ واحدةٍ بعد رحيلك
لقد كنتِ أرضي، كنتِ أمني وأماني


الطريق طويل وصعب، لكنَ لابدّ من الوصول في النهاية