اليوم أتمّ الشهر الأول في عملي في مشفىً يقع في مؤخرة العالم أو كما تقول صاحبة منزلي   ´am Arsche der Welt ´
وبجانب منزلي الصغير الآن، يتم افتتاح سوق عيد الميلاد، هنا سنأكل الكثير من الطعام الصحيّ قريبًأ! لم أتكلم من قبل عن هذه المدينة على ما أذكر، هنا أعيش منذ أواخر أيار، منزلي يقع في جنوب ولاية زاكسن الألمانية، وهي جزء من ألمانيا الشرقية سابقًا.  تسمى مدينتي تزفيكاو، لا أعرف أصل هذا الاسم، ولكن قد أبحث عنه لأكتب لكم عنه في مرات لاحقة. ..
درجة الحرارة البارحة كانت صفرًا مئويًا فقط لا غير، ومع ذلك كان علي ترك سريري الدافئ صباحًا في الخامسة صباحًا للتوجه إلى المشفى  وأصل هناك حوالي السادسة وخمس وأربعين  دقيقة، أبدّل ملابسي وأرتدي اللباس الأبيض. يبدأ نهارنا في المشفى في زيارة لغرف المرضى، للإطلاع على حالاتهم وتفقد جديدهم.

حتى الآن، أصبح لي أكثر من عشرة مرضى ، وهو رقم صغير لمشفىً كبير مثل المشفى الذي أعمل به. اليوم صباحًا، قبل الجولة الباكرة، مررت على غرفة مريضتي، سيدة في أواخر السبعينات من عمرها، قضت أكثر من ١٠ أيام في شعبتنا. كنت المسؤول الأول عنها، وكثيرًا ما تحدثنا عن حالتها الصحية وعن حالتي الصحيّة أيضًا! وسألتني فيما سألتني عن الدولة التي أنتمي لها، أول تخمين لها كان سلوفاكيا، ذلك لأن معظم زملائي هنا من سلوفاكيا والتشيك. أجبتها مبتسمًا ” لا أبدًا، أنا من سوريا، هل تعرفينها؟” أجابت و في صوتها حزنٍ واضح “بالطبع أعرفها، لقد كان هناك الكثير من السوريين في كيمنتس، مدينتي التي أنتمي لها”.
IMG_20171114_174617-01اليوم عندما أعطيتها التقرير الطبي النهائي الخاص بحالتها، قالت لي”هل من الممكن أن تحضر لي حقيبتي؟” أعطيتها حقيبتها السوداء الصغيرة، أمسكتها بيديها الصغيرتين، وأخرجت منها ببطء كيسًا ملونًا وأعطتني إياه، علبةً من الشوكولا ورسالة شكرٍ لللعناية التي حظيت بها هنا، وفي نهايتها كتبت
“أتمنى أن تعود لبلدك وتستطيع زيارته يومًا ما، لكن دونما حرب”
 
شعور لا يُوصف، أن تشعر أنّك خدمت إنسانًا ووفرت له بعض الراحة، لتكون كلماته وشكره لك أكثر أهمية من كل شيء آخر.