ما الذي يمكنني قوله عن ٢٠١٨؟


فلنبدأ من البداية نفسها، عدت من الإمارات من زيارة لعائلتي بعد انقطاع دام خمس سنوات، كان في انتظاري غرفتي الصغيرة في تزفيكاو ومكتبي في قسم الباطنة العصبيّة. تمنيّت أن أكون مثل دانيال، لكنّي شخص بسيط بكلمات بسيطة.

بعد ثلاثة شهور من العمل في الشعبة العاديّة كان لابدّ من الانتقال لوحدة السكتات الدماغيّة، هنا نستقبل الحالات الأكثر خطورةً والتي تحتاج لمراقبة، كالسكتات الدماغية ونوبات الصرع وبعض الالتهابات والإنتانات الخطرة. قرأت لكونديرا، “مرة واحدة لا تُحسب، مرة واحدة هي أبدًا. أن لا تستطيع العيش إلا حياة واحدة كأنك لم تعش البتة.” لكني أختلف معه، حياة واحدة أو عشرة، لا فرق.

في فبراير كان لدي موعد مهم، زيارة طبيب أسنان، أول سؤال طرحه المسكين عليي بعد رؤية فمي المفتوح قسرًا: ” متى زرت طبيبك لآخر مرة؟”..الجواب المحرج كان :٢٠٠٩. بدأت هنا رحلة استمرت حتى نهاية العام مع زيارات متكررة، لحسن الحظ هو جاري. تحدثنا عن طب الأسنان وعن الTPK وما أدراك ما ال TPK.

بعد فترة قصيرة استلمت الهاتف الأسود، هاتف الطبيب المسؤول عن الإسعاف في قسم العصبيّة. هنا قضيت ثلاثة أشهر بين مرضى الجلطات ونوبات الصرع، التهابات السحايا، والصداع والدوار..الكثير من الدوار والصداع دون سبب.

الموت، مريضان حتى الآن، مواجهة الموت شيء مخيف لكن لابد منه في هذه المهنة.
هايدلبرج، ساكسونيا السويسرية، ماربورج، براغ، كوبلنز، كولن، دوسلدورف كانت على الخارطة هذا العام.

في آخر أيام أغسطس حققت إنجازًا مهمًا على الصعيد الطبيّ والشخصيّ، كنت في كيمنتس حيث اجتزت امتحان التعديل الطبيّ الألماني بنجاح، لأستطيع بذلك العمل في جميع أنحاء ألمانيا. بعد ذلك عدت للعمل في الشعبة العادية.

لا أستطيع أن أذكر عام ٢٠١٨ دون أن أذكر عائلتي هنا في تزفيكاو، كاترين، مانفريد، لينا، فيليب وأورسلا. العائلة الألمانية التي أقطن معها، هي عائلتي الثانية، أحبّهم ويحبّوني، كاترين الجميلة ومانفريد قررا أن يوصلاني بنفسهما للامتحان ويبقيان معي حتى نهاية الوقت لإيصالي للمنزل. لا أعرف كيف أرد معروف كاترين، لكنّي أعلم أنّها ستبقى من أجمل ما حصل لي في هذه البلاد.

وفي الختام، لا بد أن أذكر أجمل ما حصل معي في ألمانيا هنا، في فبراير ٢٠١٧ التقينا لأول مرةٍ بعد معرفةٍ طالت لمدة سنتين على الويب، التقينا صدفةً، كانت هي تسأل صديقي طارق على موقع Ask، ثم تعرفنا، ساعدتها في دروس التشريح، ومن ثم توقف التواصل بيننا.

في فبراير ٢٠١٧ التقينا، أنا ويمنى، لم أكن أعرف اسم عائلتها، لم أكن أعلم أنّها من ذات مدينة والدتي. زرت عائلتها مع الأصدقاء، كنت معها خلال مرحلةٍ صعبةٍ في حياتها، ثم كان ما كان. في يوم عيد الميلاد بعد رحلة استمرت عامًا ونصف، بعد كثير من الحبّ، كثير من الشوق، تمّت خطبتنا في عيد الميلاد ٢٠١٨.

عزيزتي يمنى،
أنتِ تعرفين كلّ شيء أرغب في قوله، كل السعادة التي أدخلتيها قلبي، عائلتك التي أصبحت عائلتي، وعائلتي الكبيرة التي تعرفت عليكِ وأحبّتك. كلّ مغامراتنا، كل رحلاتنا، كلّ شيء، أنت أجمل ما حصل لي في ألمانيا، وقبل ألمانيا.
أنتِ، يمنى، صديقتي العشرينية، حبيبتي، وشريكتي.

أحبّك، يا من جعلت ٢٠١٨ أجمل سنين حياتي حتى الآن.

لكِ، دائمًا وأبدًا.