أغسطس، أغسطس

فترة طويلة هذه المرة، الغياب عن هذا العالم الإلكتروني أقصد. هل تعرف أن تكلفة الانتقال ليست المال والوقت فحسب، بل الجهد والنوم؟ أعاني حاليًا منذ انتقالي من تزفيكاو، مدينتي الجميلة، إلى غيسين، مدينة يمنى “المو جميلة”. كنت أعتقد أن الفروقات بين الشرق والغرب الألماني ليست كثيرة، لكنّي كنت مخطئًا، وبشدة.

على سبيل المثال لا الحصر، العمل هنا يبدأ الساعة الثامنة صباحًا وينتهي الخامسة بعد الظه. في الشرق كنّا نبدأ العمل الساعة السابعة ونستمر في العمل حتى الساعة الرابعة بعد الظهر تقريبًا، أي أنّك تستطيع العودة إلى البيت والاستمتاع بقليل من ضوء الشمس، إن وجد.

التسجيل للحصول على موعد في المكاتب الرسمية يتم في الساعة الثامنة والسادسة مساءً…فقط! بينهما لا يوجد! لذلك ليس لدي موعد حتى الآن. نظافة الشوارع، عدد المتسولين، كل ذلك أفضل في الشرق. ربما ما زالت متحيزًا، لكن ما زالت أنتظر جمال الغرب الألماني وحياته الجميلة الذي سمعت عنه كثيرًا.

بداية العمل في القسم النفسي كانت مخيفة، لم أكن مستعدًا، معرفتي النفسيّة هي كمعرفتي بأنواع الحشيش والمخدرات، سطحيّة جدًا. (ملاحظة: بعد شهر ونيّف ازدادت معرفتي بأنواع المخدرات، وكذلك النفسيّة.)

الأسبوع الأول كان فوضى بحق، بين قسم الاكتئاب وقسم الفصام ثم العيادات الخارجية، وبعد ذلك تدريب للدفاع عن النفس! ربما سأحكي لكم عن ذلك التدريب لاحقًا مع نظرية الآذان الأربع. في نهاية الأسبوع الأول أقيم احتفال الصيف، هنا تعرفت على صديق مصري يعمل على شهادة الماجستير في مجال العلوم العصبية. اتفقنا أن نلتقي ليعطيني نظرة عن أبحاثه، كنت أفكر ربما حلقة جديدة للبودكاست؟ حاولت أن “أرقص” مع رئيس القسم والاستشاريين لكن انتهى الأمر بي وأنا أحرك رأسي يسارًا ويمينًا فقط!

https://giphy.com/gifs/danny-brown-dSnYoNE3OlicU

العودة للمنزل

في عطلة الأسبوع عدت إلى تزفيكاو الجميلة، لأحضر أغراضي كلها. كم هو صعب أن تحزم جميع أغراضك التي استخدمتها لمدة عامين في مكان واحد. مكان كان البيت الذي حصلت فيه أجمل ذكرياتك، أول عمل، أول إقامة رسميّة وأول عشاء عائلي منذ سنين. وداع كاترين ومانفريد كان صعبًا، لم أتوقع ذلك، لكن مانفريد هو من ذرف الدموع. كم أحب هذا الرجل! هو يشرب بيرته وأن أشرب كأس الشاي الأسود ونضحك معًا، سأفتقد عائلتي الألمانية بالتأكيد.

يوم الثلاثاء، الثالث من سبتمبر تعلمت درسًا جديدًا. لا تقد دراجتك دون خوذة، ولا تستخدم جوجل مابس. انطلقت كالعادة الساعة السابعة صباحًا. قررت اليوم ارتداء الخوذة، بعد حوالي ٢٠٠ متر نظرت إلى الأسفل، حيث ثبّت هاتفي على الدراجة، أردت معرفة الاتجاه المقبل.

لم يأخذ الأمر أكثر من ثانية واحدة، أو اثنتين لأرى اللون الرمادي، يا للهول. حطّ رأسي على السيارة ، قفزت في الهواء كما يبدو وهبطت بسرعة على الأرض بينما انتهت دراجتي بعيدًا. كل شيء كان مشوشًا لمدة ثانيتين، آلام في كل الأماكن. جاء طبيب الإسعاف والشرطة، الانتقال للمشفى. لم أستطع رفع ذراعي أكثر من ٦٠ درجة، تحت عيني اليسرى بقعة زرقاء حمراء كبيرة. بعد أن تأكد جراح الوجه والفكيّن من عدم وجود كسر في العظم الوجني تم إرسالي إلى المنزل، لكني ذهبت للعمل مجددًا.

لم أستطع رؤية دراجتي إلا بعد أسبوع، العجلة الخلفية خٌربت بالكامل.. لم أصلحها بعد، لنرى ما سيحصل. عدت للمنزل، لم أستطع أن أفرق بين آلام الحادث وبين آلام حمل أغراضي من تزفيكاو لغيسين. عند الاستحمام اكتشفت أن معظم جسمي أحمر وأزرق. الحمدلله الوضع أصبح الآن أفضل بكثير. سألتني إحدى الممرضات: ” مالدرس الذي تعلمته اليوم يا فرزت؟؟”

لا تستخدم جوجل مابس أثناء قيادة الدراجة، استخدم خرائط آبل

الوحش الأصفر المزرّق

إيكيا، إيكيا. حفظت إيكيا عن ظهر قلب، وخلال الشهر الماضي بدأت بتركيب كل ما وصلني، غرفة النوم من خزانة وسرير، طاولة المطبخ ومقاعدها وقاعدة التلفاز. كل ذلك استغرق وقتًا طويلًا، ولم يكن ليحصل لولا مساعدة الصديق الجميل شادي. مازلت أنتظر غرفة الجلوس، والتي طلبتها من استقبال التركي، والتي قد تصل بعد ستة أسابيع.

لا زال أمامي الكثير من العمل، الغسّالة، أضواء السقف، والكثير. هذه الأسباب وأكثر منعتني من ممارسة هواياتي الجميلة، القراءة، التدوين وحتى مشاهدة اليوتيوب 😢.

متفرقات

أحببت شكل مدونة يونس الجديدة، وفكرة الروابط التي يستخدمها كما الأخ عبدلله المهيري، مجتمع التدوين العربي جميل، أتمنى أن أصبح عضوًا فعالًا من جديد، ربما.
السقيفة فعالة بشكل مستمر، تابعوا ربى من جديد.

شكل إضاءات الجديد، أنصحكم بتجربته وقراءة مقالاتي مجددًا هناك!