وصلنا طنطا، كما قال صديقي الذي سأعرفكم عليه قريباً ع.س، في الساعة العاشرة والنصف ليلاً لم نجد أصدقائنا الذين وعدوا باستقبالنا، بعضهم كان نائماً والآخر كان خارج المنزل…بعد جهد قليل وصل اثنان منهما وأخذوا كل منا على حدة، أنا في منزل أ.ش و ع في منزل صديقه ع.م.
كنت قد قابلت عدنان (ع.م) منذ زمن بعيد وتناقشنا كثيراً…على الفيسبوك فقط! ليس على الأرض الواقع ! لذلك كانت أول مرة أراه بعد سنتين ونصف من النقاش الإلكتروني! أخذني جهاد إلى منزله هو وصديقه أنس وصديقنا الثالث غ..
لم أكن أعرف غ.ع من قبل، لكنه بدا لي شاباً طيباً صامتاً نوعاً ما، الشخصية المفكرة.
أما ج. فقد كان من الشخصيات التي تعرفت عليها قبل أن يدخل الكلية معنا، كان شاباً لطيفاً ذو اهتمامات متعددة، وعندما يقرر فعل شيء فإنه يفعله !
استقبلني ج. من المحطة وأخذني إلى المنزل، جر الحقيبة كامل الطريق! رضي الله عنه :3
المهم عند وصولنا وجدت العديد من الشباب في منزل أصدقائي وتعرفت عليهم، بعضهم كان صديقي منذ أيام دمشق والآخر كان جديداً ، كان ذلك اليوم بداية فصل جديد في حياتي، مصر، طنطا وهدفه الوصول إلى المحطة الأخيرة من دراستي الطبية و التخرج من كلية الطب البشري أخيراً، بعد أن كنت قد اعتبرت حياتي الدراسية انتهت تقريباً بعد سنة من الإحباط والاكتئاب والعزلة.
ذهب في اليوم التالي إلى الجامعة، كان يوم خميس حسب ما أذكر فقد كان الدرس هو درس أدوات طبية وهذا الدرس يعطى كل خميس، كان الدرس عن قراءة تخطيط القلب الكهربائي، تعرفت في ذلك الدرس على زملاء جدد، فلسطينيين، ماليزيين ومصريين! لكن بالتأكيد الاسم الأغرب بين كل أسماء الموجودين كان اسم محدثكم! فرزت…اكتشفت فيما بعد أن اسمي يعتبر من أصعب الأسماء لفظاً حتى إني رضيت باسم “فرسان” كبديل له عند بعض الأستاذة الذين درسونا!
الخطوة التالية كانت النزول إلى مكتب الوافدين في القاهرة لتسجيل اسمي والبداية كطالب رسمي، لم يكن ذلك ساراً، فالأسبوع الأول بعد مجيئي كان عطلة رسمية، عطلة شمّ النسيم التي لم أكن أعرف عنها شيئاً بعد، ومازلت جاهلاً كل شيء عنها بغض النظر عن تواجد الأسماك …الفسيخ والإسكندرية!
وضعت أغراضي جانباً، حان وقت النوم، استلقيت على بطانية في غرفة الجلوس عند أصدقائي، لم أكن أعرف أين سأسكن بعد، هنا أم في مكان آخر.. لم أعرف أن هذه البطانية ستكون منزلاً لي لأكثر من ستين يوماً!
أغمضت عيني، وليبيا تلوح في ذاكرتي، يبدو أني سأختص في الدراسة والعمل في شمال إفريقيا…وتذكرت حلمي..كان حلمي يوماً ما هو العمل في الصومال ودول إفريقيا الفقيرة وإغاثة المنكوبين…لكن يبدو أن هناك منكوبين أقرب لي عليّ أن أعود بعد تعلّمي لعونهم..
طنطا، ستصبح قريباً ما أسميه المنزل…إلا لو حدث ما حدث في الوافدين في القاهرة..
السيدة ذات الوجه الأبيض التي سوّدت حياتي في ثلاث دقائق، الحلقة القادمة !